تبدلت حياة أبي عندما تقدم به العمر، وبدأت تصرفاته غريبة، يكره الشيخوخة، ويبدو عليه الانزعاج كلما مضت به السنوات، فهو لا يريد أن يتذكر أنه متعب، أو أي شيء من هذا القبيل ـ بل أصبح عصبي المزاج، محبط حيث يعاني من مرض النسيان، ولم أكن اعلم بذلك بل أخفت والدتي عني إصابته بمرض الزهايمر.
وكانت أمي تتعمد إخفاء حالته الصحية عني فكلما ذهبت لزيارتهما، تحاول جاهدة أن تشغلني في أشياء كثيرة كلما سألت عن حالته الصحية حتى نصحتني صديقتي التي تسكن بجوار والدي أثناء مقابلتها صدفة أنه يجب علي أن أمنع والدي من الخروج بمفرده بعد أن فقد قدرته على تمييز منزلنا حينما يبتعد عنه، ويصعب عليه في كل مرة يخرج فيها بمفرده والعودة إلى المنزل مرة أخرى، وبعض الجيران كانوا يقومون بإعادته إلى المنزل، بل أنه خرج ذات مرة وبات خارج المنزل لأنه لم يعرف طريق العودة حتى تعرف عليه أحد الجيران وأعاده إلى المنزل.
وذهلت من هول المفاجأة وانتابني الحزن بأنني أخر من يعلم بما أصبح عليه أبي، خاصة عندما علمت انه استيقظ ذات يوم مفزوعا، لا يعرف أين هو، وأصبح هائج جدا، دمر المنزل في غضون أربعة أيام، وحاول إيذاء أمي، فهو لا يعرف ما الذي يفعله، فكان خائف جدا، وفجأة سقط على الأرض فطار به الجيران إلى المستشفى، وهناك اخبروني أن عظامه تكسرت، وأنه في المرحلة الأخيرة من مرض النسيان ـ الزهايمرـ وقررت أن أكون إيجابية، وأن يعيش والدي معي، ولم يمانع زوجي بل رحب به.
وعندما التقيت بوالدي سعدت كل السعادة بعد أن عرفني و ناداني باسمي وعانقني وقبلني. ووافق على الإقامة معي لكن بعد أربعة أيام وجدته مفزوعا فهدأته ولكن لاحظت أنه مكتئب، ومرت الأيام سريعا، وبعد أسبوعين تقريبا من إقامته معي اختار والدي أن يمتنع عن تناول الطعام، ولم استطع إرغامه على تناول الطعام، وقاموا بإخضاعه للأكل عن طريق المحاليل وأنبوب غذاء.
وقال الطبيب المعالج أن والدي يعاني من مرض النسيان ـ الزهايمر ـ فقلت له: وماذا علي أن أفعل ، فقال: أن والدي في مرحلة متأخرة من مرض الزهايمر وهي ما تعرف بمرحلة "التخريف"، وأوضح لي أعراض هذه المرحلة، وكنت أبكي كل ليلة عندما أراه تائها لا يعرف من حوله وفجأة مات والدي بعد ثلاث سنوات ونصف من إصابته بهذا المرض.
وبعد وفاته شعرت أنني اغرق في شئون حياتي فكان يعتني بي حتى بعد الزواج، وهو ما جعلني أقص عليكم حكايتي لأن وفاته وضعتني في مواجهة العديد من الأسئلة، هل كان يجب علي فعل شيء؟، وهل بأيدينا مد يد العون للحالات المشابهة؟... بحثاً عن إجابات أنشر تجربتي التي مازلت أتذوق مرارتها ومرارة عجزي أمامها، خاصة وأنني أخشى أن أكون قد قصرت في واجبي تجاه.
ومن جانبنا في " عربيات " تعاطفنا مع ما جاء في رسالة القارئة لذا حاولنا البحث عن أسباب هذا المرض وآخر ما توصل إليه العلم في علاج الحالات المشابهة للحالة التي أوردناها سلفا، ومع الآسف يبدو أنه لا يوجد علاجا فعال لمرض الزهايمر حتى الآن.
مؤشرات الإصابة بمرض الزهايمر
يرى الأطباء أن نسيان الأسماء مؤشر مبكر على "الزهايمر"، حيث وجد الأطباء أن اختبار بسيط لقدرة المرء على تذكر الأسماء، يمكن تحديد الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بفقدان الذاكرة المبكر، المرتبط بداء الزهايمر.
ووجد باحثون، عند متابعة 96 شخصا مصابين بمراحل أولية من مرض الزهايمر، تم تحديدهم باستخدام المسوحات الدماغية، ومقارنتهم مع 40 آخرين من الأصحاء، كان متوسط أعمارهم بين 60 و80 عاما، أن ذاكرتهم تعمل بطريقة مختلفة ومميزة.
ولاحظ الأطباء بعد إعطاء دقيقة للمشاركين لكتابة أسماء الحيوانات، التي يستطيع الإنسان تذكرها، أن مرضى الزهايمر لم يتذكروا سوى نصف العدد، الذي تمكن الأشخاص الأصحاء من كتابته. وسجل الباحثون نفس النتائج عندما طلب من المشاركين المرضى والأصحاء كتابة أسماء الفواكه والخضراوات المعروفة.
وأشار الباحثون إلى أن المرضى تذكروا أنواعا معينة من الأسماء بصورة أسهل من الأخرى، حيث حافظت ذاكرتهم على الأسماء المألوفة والشائعة، وتلك التي تعلموها في مرحلة الطفولة، وما قبل المدرسة، إذ استطاعوا تذكر اسم "الكلب" وثمار "التفاح" أكثر من "الزرافة" وفاكهة "الكيوي".
وأوضح الباحثون أن هذه الأنماط من الذاكرة قد تساعد في الكشف عن المؤشرات الأولية، التي تظهر عند الإصابة بالزهايمر، مشيرين إلى أن كبار السن يعانون، بطبيعة الحال، من صعوبات في التذكر، إلا أن البحث في نوعية وخصائص الكلمات المتوفرة في مخزونهم العقلي قد يمثل أحد طرق الكشف عن وجود خلل أو اضطراب ما في ذاكرتهم... ويرى الأطباء أن الكشف المبكر عن الزهايمر قد يساعد في سرعة علاج هذه المشكلة المرضية قبل أن تتطور.
آخر ما توصل له العلم لعلاج مرض الزهايمر
وعن آخر ما توصل له العلم الحديث في علاج الزهايمر، رصدنا آخر الأبحاث التي أجريت على مرضى الزهايمر والتي أشارت أن الأجسام المضادة التي تفرزها البلازما باستمرار وبصورة منتظمة تعمل على تقليل مستويات مرضى الزهايمر، وتمنع حدوث أي تأثير على سطح المخ، كما تحسن الجوانب الإدراكية لدى المرضى. بالإضافة إلى أنها تعمل على تحسين بناء صفائح البروتين ـ Beta Amyloidـ التي ترتبط بتطور مراحل الزهايمر.
وقد قام باحثون بإجراء دراسة على ثماني أشخاص أصيبوا بمرض الزهايمر، ويتراوح تأثير المرض عندهم ما بين المتوسط والخفيف، فتم إعطاء هؤلاء المرضى أجسام مضادة تعرف بــ (Immunoghobulin) حيث تعمل على تعديل كمية البروتين (Beta-amyloid) التي تصل إلى المخ، وبعد ستة أشهر من خضوع المرضى للعلاج، تم تعريض سبع حالات منهم لاختبارات تقيس تطور حالاتهم، وكانت النتيجة انخفاض مستويات المرض لديهم.
وعلق الباحثون أنه لا يجب النظر إلى الأجسام المضادة على أنها الحل القاطع للقضاء على مرض الزهايمر، فهي ما زالت قيد التجربة حتى يتم تطبيقها على أعداد كبيرة مع التحكم في الاختبارات التي تقيس مستوى الإدراك لمعرفة التأثيرات الناتجة.